مسائل بيداغوجية


في ملامح المنشط
بقلم محمد الساسي متفقد الشباب ولاية تونس
    المنشط الذي نقصد هو المنشط القار المعين بإحدى مؤسسات الشباب أو الطفولة ( دور شباب قارة أو متنقلة ، وحدات تنشيط أحياء ، نوادي أطفال ، مراكز إعلامية الخ … ) وهو إطار تربوي متخرج من مدرسة تكوين إطارات الشباب بئر الباي والتي تحولت في ما بعد إلى معهد عالي للتنشيط الشبابي والثقافي .. والمنشط عادة يحمل شهادة أستاذ شباب أو أستاذ أول أو أستاذ فوق الرتبة ، مع وجود قلة من قدامى الخريجين لا يزالون يحملون شهادة مربي ..
  ونقصد بالملامح مجمل الصفات الجسمية والنفسية الفطرية ، وكذلك المكتسبات الذهنية والمهارية التي نحصل عليها بالتكوين وبالعلاقات الاجتماعية .. على أن تكون هذه الصفات المميزة مشتركة لدى جل العاملين في قطاع معين ، والمطلوب منهم أداء وظائف محددة …
فما هي إذن ملامح المنشط ؟ (1)
  1. 1.    الملامح الشخصية :
وهي ملامح من المفروض أن يتم اعتمادها كمقاييس وشروط مبدئية للانتداب ، فمن لا تتوفر فيه هذه الشروط ، لا يتم انتدابه أصلا ، ولا تكوينه ليصبح يوما ما منشطا (أو منشطة )..
شروط جسمانية مثل اللياقة البدنية / القامة / السلامة من العيوب الجسدية الظاهرة ومن عيوب النطق .. القدرة على تحمل التعب الخ …
مقاييس ثقافية  تضمن حصوله على ثقافة عامة ثرية .. وعلى جملة من المعارف الأساسية المرتبطة بنوعية الثقافة السائدة في المجتمع المحيط ..
 ملامح نفسية : تؤكد خلوه من العاهات النفسية الظاهرةمن خجل مرضي أو ميول عدوانية أو انطوائية ..
هذه الشروط كان يتم التأكد منها في السابق ، وذلك من خلال الامتحان الكتابي والشفوي ، ومن خلال الاختبار النفسي الذي ينبغي أن يخضع له كل مترشح للدراسة في بئر الباي .. فهل مازالت هذه الشروط محترمة ، ام أن التوجيه هو الذي يدفع بجماعة باكالوريا الآداب إلى هذه الشعبة ،وكذلك الحاصلين على مجموع عام متواضع ؟؟
المهم أن هذه الشروط المبدئية كانت تسمح للمشرفين على التكوين بأن يضمنوا اختيار العناصر التي تتوفر فيها الشروط الكفيلة بنجاحهم في مهمتهم .. وذلك من أجل الحصول على أقل نسبة ممكنة من الفاشلين déchets  …. كما كانت تسمح بانتداب المرشحين حسب نوعية المهام المسندة إليهم ، وحسب ظروف العمل … وهل تقتضي مثلا تحديد النوع الاجتماعي للمترشح لهذه المهنة .. فهل يكون من المستحسن مثلا أن يكون المنشطون الذكور أكثر من الإناث !! وذلك حتى يتمكنوا من التعامل مع مختلف أصناف الشبان ( وخاصة منهم المتعودين على الجلوس في نواصي الانهج وفي الزوايا les coins) وكذلك باعتبار أن الحالات الأصعب والتي تتطلب العمل في المساء هي  حالات الشبان الذكور ..؟؟     ثم وهل أن النسبة الحالية للمنشطات الإناث مقابل  المنشطين الذكور هي نسبة متعادلة ؟ وهل ستضمن لمؤسسات الشباب أن تغطي مختلف أصناف الشبان في تونس .؟؟؟
  1. 2.    الملامح المهنية : 
وهي تتضمن الشروط الواجب توفرها لأجل أداء الوظيفة المعنية .. هذه الشروط هي عبارة عن مجموعة كفايات compétences  ضرورية .. وهي تنقسم إلى 3 أصناف كالآتي :
  • المعارف les savoirs
ما هي المعارف التي ينبغي للمنشط أن يمتلكها حتى يؤدي مهامه المطلوبة منه بنجاح ؟؟
خصائص الاجتماعات البشرية / دينامية الجماعة / علم النفس التربوي / علم نفس المراهق / الاتصال والتواصل / الخدمة الاجتماعية .. /…/ …./ /// الخ ……
  • المهارات les savoir-faire
وهي القدرات التي لا بد للمنشط أن يمتلكها وإلا فشل في أداء مهامه .. من ذلك مثلا :
تنظيم الاجتماعات / تسيير اجتماعات النقاش / تسيير المقابلة وجها لوجه /  قيادة المشروع /  إجراء البحوث الميدانية / استعمال الحاسوب / التواصل عبر الشبكات الاجتماعية / التعبير الكتابي / امتلاك إحدى أو بعض محامل التنشيط (رقص ـ رسم ـ لغات ) / الوسائل السمعية البصرية / الإصغاء / تقنيات التنشيط (زوبعة فكرية ـ بانال ـ فوروم )…الخ .
  • المواقف les savoir-être
قد لا تكون الترجمة أمينة ولكن المقصود هو جملة ردود الفعل التي يتحلى بها المنشط امام المواقف المختلفة ، والتي تكون عادة فطرية فيه ولا يمكن تعلمها ، مثل التقبل empathie  والتسامح والصفح والوسطية وعدم المبالغة والتطرف ، وكذلك وخاصة القدرة على التوافق التام بين ماهية شخصيته وبين الواقع وأيضا بين ما يقوله وما يبطنه .. ذلك ان المنشط ليحوز ثقة الشبان فيه ينبغي أن يكون أصيلا كما هو authentique     دون قناع ودون ازدواجية مقيتة ..
هذه إذن قائمة عامة أولية في كفايات المنشط ، وهي قابلة للحذف والإضافة .. كما انها قد تمثل الكفايات المثالية المطلوبة ، وهو ما قد يسمح لنا بمقارنتها مع الواقع الحالي .. فهل يمتلك منشطونا هذه الكفايات ، ام أنهم لا يزالون حبيسي النموذج الذي كان صالحا سنوات 60 و70 ، يعني المنشط المدرب الذي يتقن اختصاصا أو أكثر مثل النجارة أو الخيط الممدود fil tendu  أو الرسم على الحرير والبلور …او حتى تدريس الإعلامية بالسبورة والمكتب ؟؟؟
كذلك التكوين الميداني والرسكلة ، هل يستجيب التكوين السائد حاليا لهذه الكفايات ؟؟ أم أن الطلب (سواء من قبل المنشطين او المتفقدين ) ما زال متجها نحو التقنيات les techniques من رسم على الحرير وإعلامية ورقص وغيره ؟
ثم وأخيرا التقييم ؟ كيف نقيم أداء منشط ما ؟ هل على أساس قدرته على تنشيط حصة إعلامية أم على أساس قدرته على تنظيم تظاهرة ام من خلال علاقاته بالشبان أو بالمحيط ؟؟ إن  الإجابة عن كل هذه التساؤلات ينبغي ان تكون جماعية ، وان يتم الانهماك فيها من قبل كل المعنيين بها ، بعيدا عن كل تهريج او نزعات اقصائية او اسقاطية .. فهذا الميدان يهمنا جميعا ، والمفروض ان نتعاون كلنا على تحديد ملامحه ..
ختاما ، فإنني اعتذر عن ركاكة التعبير وعن التكرار ، فهذا المقال هو مساهمة في النقاش السائد ، وهو بالتالي لا يستجيب لمقاييس الكتابة المعمول بها عادة .. المهم أن نتحرك كلنا وان نساهم وان نفكر ..
أشكر مجددا زميلي خليفة اليزيدي لأنه أتاح لنا اللقاء عبر مدونته التي بادر بها ، واني أدعو بالمناسبة كل الزملاء إلى الاطلاع عليها والمساهمة فيها ..
(1)محمد الساسي ـ ملامح المنشط ـ دراسة صدرت على حلقات ضمن نشرية “اعلم “  خلال سنة 1989

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق