السبت، 5 مايو 2012

رؤيــة فـي الـتـنـشـيـط إعداد: برهان الدين بدوي


رؤيــة فـي الـتـنـشـيـط

إعداد: برهان الدين بدوي، أستاذ أول، مدير دار الشباب المتلوي

I.  ماهي دار الــشـبـاب؟

بعثت أول دار شباب في تونس سنة 1963 وهي دار الشباب رادس، وهي أول دار شباب تحدث بمنطقة المغرب العربي وبالوطن العربي عموما مما يؤكد عراقة بلادنا في هذا المجال.
وجاء النظام الأساسي الصادر سنة 1972 ليعرف دار الشباب بأنها "مؤسسة مفتوحة لجميع الشبان تهدف لنشر التربية وتقديم أنواع مختلفة من الأنشطة التي تساعد الشباب على تنمية شخصياتهم وصقل مواهبهم".
كما شهدت سنة 1974 نشأة قطاع جديد وهو قطاع التنشيط الريفي وظهور مؤسسة دار الشباب المتنقلة.
وقد عملت مؤسسات الشباب منذ إنبعاثها وفق منهج مقتبس عن التجربة الفرنسية وإشتغل الجيل الأول من إطارات الشباب المسير لهذه المؤسسات على إنتاج نموذج للمؤسسة الشبابية يعتمد على نوادي الإختصاص العلمية والفنية والثقافية والفكرية وغيرها.
لكن فترة الثمانينات من القرن الماضي شهدت بوادر عزوف ملحوظ للشباب عن مؤسساته وهو ما دفع إلى مراجعة طرق العمل بهذه المؤسسات للإستجابة إلى الحاجات المتجددة للشباب والمتغيرة بإستمرار، فظهرت في العشرية الأخيرة مؤسسات أخرى كوحدة تنشيط الأحياء ذات الكثافة السكانية ونادي الإعلامية المتنقل.
وفي خضم هذه المتغيرات المتواصلة فإن تعريف دار الشباب وضبط مهامها ومشمولاتها شهد بدوره تطورا مستمرا، وفي قراءة لمختلف النظم الأساسية والقوانين الداخلية الخاصة بدار الشباب يمكننا أن نجمع التعريف التالي: "دار الشباب مؤسسة ذات صبغة تربوية وثقافية وإجتماعية مفتوحة لجميع الشبان، تهتم بنشر تربية إجنماعية في أوساط الشباب من خلال ما تقدمه من الأنشطة والوسائل بهدف تمكينهم من إستثمار الوقت الحر (أوقات الفراغ) إنطلاقا من إحتياجاتهم ورغباتهم بما يساعدهم على تنمية شخصيتهم وصقل مواهبهم وفتح آفاق التفكير أمامهم"، ومن خلال هذا التعريف بمكننا أن نستخرج المعاني التالية:
·  المؤسسة الشبابية وحدة إجتماعية تهدف إلى ترقية الشباب وتنمية مظاهر الحياة الشبابية من خلال تفاعلها وتواصلها معهم في وقتهم الحر
·  دار الشباب مؤسسة إجتماعية ينتمي لها الأفراد بدوافع ذاتية وبرغبة تلقائية في إشباع حاجاتهم المادية والمعنوية والإجتماعية.

II.   مــاهـو الـــتــنــشـيط؟

مصطلح التنشيط لغويا مشتق من فعل نشط ينشط نشاطا من المكان أي خرج منه، ونشطت الإبل تنشيطا إذا كانت ممنوعة من المرعى فأرسلتها ترعى.
أما إصطلاحا فهو "كل فعل يمارس داخل جماعة أو وسط إجتماعي بهدف تنمية التواصل وتنظيم الحياة الإجتماعية"، وهو أيضا "مجموع العمليات والإجراءات وأشكال التدخل البيداغوجي التي يتم بها تسيير وتوجيه وضبط التواصل بين الأفراد وتيسير مهام وأعمال يقومون بها".
ونعني بالتنشيط في هذه المداخلة "الفعل الإجتماعي والثقافي والتربوي الذي يمارسه المنشطون داخل المجموعات الشبابية وبمعيتها ولفائدتها بغية إحداث طرق تواصل حي وبلوغ مقاصد وأهداف مخطط لها في سياق مشاركة جماعية بما يمكن الشبان من ممارسة الحرية والديموقراطية وينمي لديهم روح المبادرة ويؤهلهم لمشاركة إجتماعية فاعلة".
الخلاصة: أن التنشيط هو فعل إجنماعي وتربوي يمارسه المنشط تجاه مجموعة قصد إحداث تغيير في سلوكياتهم الفردية والإجتماعية.

III.  مــن هـو الـــمــنــشـط؟

يعرف موريس دوباس و قاستون ميلاري المنشط بأنه: "كائن حر ومستقل، وقادر على تنمية العالم".
ويعتبر المنشط روح المؤسسة الشبابية ومحرك العملية التنشيطية بمختلف مراحلها، فهو المتعامل المباشر مع الشبان والقادر على توجيههم والتأثير في سلوكياتهم من خلال مهاراته وقدرته على حسن التواصل والإصغاء والتوجيه والتعديل المتواصل.
والمنشط هو:
·  خبير الإتصال والتواصل والحوار والإنصات
·  المختص في التنظيم والتخطيط والبرمجة والتسيير والتصرف
· الذكي في إغتنام الفرص المتاحة لجعل الشباب يحقق تعلما أكبر
· الفطن الدقيق الملاحظة والقادر على التدخل السريع للتعديل والإصلاح
وبإختصار فإن المنشط هو خبير إجتماعي ونفسي، له قدرة كبيرة على التواصل الإجتماعي وبناء العلاقات والحوار والإنصات، وله قدرة كبيرة على الإبتكار وحل الإشكاليات وإستنباط الحلول، إن المنشط هو حلال المشاكل وموجد الحلول facilitateur


IV.  مــــلامــــح المـنــشــط الــــنــاجــــح:

إضافة إلى ما قدمناه سابقا من صفات المنشط، فإننا يمكن أن نضيف مواصفات علمية أخرى في مستويات ثلاثة:
1.  المستوى النفسي:
·       القدرة على فهم الآخر وحسن التعامل معه
·       توازن الشخصية
·       الثقة بالنفس التي لا تبلغ حد الغرور
·       الشجاعة والمبادرة
·       الرغبة في إيجاد الحلول وطرح البدائل
2.  المستوى الأخلاقي:
·       حسن السلوك والإنضباط
·       الأمانة والصراحة
·       النزاهة والموضوعية
3.  المستوى المعرفي:
·       أن تكون لديه ثقافة عامة مركزة وإلمام بقضايا الساعة
·       لديه رغبة واسعة للإطلاع والتعلم وإكتساب معارف جديدة
.Vصـــيـــغ الـــتـــنـــشـــيــط:

1.  صيغة التنشيط بالمواد:
وهي من أقدم الصيغ التي عرفتها مؤسسات الشباب، وتعتمد على تنشيط مجموعات قارة وفق نظام الحصص التنشيطية ويطلق عليها عادة إسم النوادي، وقد أمكن لمؤسسات الشباب خلال العقود الأربعة الماضية أن تطور مجموعة هامة من المواد وأن تصنفها إلى مجالات، فنجد مثلا المجال العلمي الذي يشمل الإعلامية والإلكترونيك والصحة والبيئة وغيرها...والمجال الثقافي الذي يشمل الموسيقى والغناء والمسرح والرقص واللغات وغيرها...وسنتعرض لمجالات التنشيط في الفصل الموالي.

2.   صيغة التنشيط الحر:
ونقصد بها التنشيط بواسطة الأنشطة والبرامج والخدمات المفتوحة لعموم رواد المؤسسة كالألعاب الفكرية والرحلات والخرجات والسهرات التنشيطية والحفلات وخدمات المكتبة وقاعات المراجعة والمباريات الرياضية والألعاب الإلكترونية، وهي أنشطة تغذي المؤسسة بإستمرار بنوعية خاصة من الرواد الجدد الذين يمكن إستقطابهم وتأطيرهم لممارسة أنشطة أخرى منظمة.

3.   صيغة التنشيط بالتظاهرات والمهرجانات والأنشطة الجماهيرية:
وهي صيغة طرحت نفسها بديلا عن صيغة التنشيط بالمواد وجاءت لتضفي على أنشطة المؤسسات الصبغة الجماهيرية الإشعاعية المتفتحة على المحيط، وفي هذا المجال نذكر على سبيل المثال مختلف التظاهرات التنشيطية والفنية والرياضية والثقافية التي تنظمها المؤسسة خلال العطل والمناسبات والأعياد في مجالات التراث والموسيقى والمسرح والفنون والرياضات المختلفة كما تشمل المهرجانات والأيام الإعلامية والتحسيسية والمعارض والأنشطة الخارجية كالأعمال التطوعية والتضامنية والزيارات وتنشيط الأحياء وغيرها...وهي صيغة جديرة بالإهتمام بإعتبار وقعها الإيجابي على المؤسسة وعلى محيطها الإجتماعي.

4.  صيغة التنشيط الجذاب:
هي صيغة مستحدثة بالمؤسسة الشبابية تقوم على توجيه أنشطة المؤسسة وجهة تعزز بها الإقبال عليها بقطع النظر على المناهج والمقاربات البيداغوجية التي تنبني عليها هذه الأنشطة فالهدف الأساسي من هذه الصيغة هو تطوير إقبال الشباب على أنشطة المؤسسة وتوفير أنشطة وبرامج جذابة لتحقيق هذا الهدف، إنها صيغة تنشيط تمتاز بالحينية والتحول في بحث دائم عن نقاط الجذب في الأنشطة والبرامج والخدمات وتميز المؤسسة بالحركة الدائمة والنشاط الكثيف والمستمر.

5.  صيغة التنشيط التخطيطي:
ونقصد بها مختلف الأنشطة التي تخضع إلى سياق تخطيطي شمولي على مستوى المؤسسة ككل أو على مستوى مجالات أنشطتها وخدماتها  كل على حدة، ونجد ضمن هذه الصيغة المشاريع التنشيطبة بمختلف أنواعها ونجد مشروع المؤسسة والأنشطة المندمجة والتربصات وبرامج الشراكة وغيرها...وهي صيغة تعتمد التخطيط الدقيق الذي يمكن عادة من توحيد المجهودات والإقتصاد في الوقت والجهد والمال ويوفر للمؤسسة خطة عمل تنفيذية تعبر بجلاء عن مشروع بيداغوجي يقود المؤسسة إلى مقاصد واضحة وأهداف محددة

.VIمـــــجـــالات الـــتـــنـــشـــيــط:

1.  مجال الإعلام:

إعلام الشباب والتنمية، الإذاعة، المجلة الحائطية، المطويات،الصحافة الإلكترونية، منابر الحوار...

2.  المجال الترفيهي:

الحفلات، الألعاب الإلكترونية وألعاب الفيديو، المهرجانات، الألعاب الفكرية، الألعاب الخارجية، مسابقات تنشيط الأحياء، السباحة والألعاب الشاطئية، البيار، السهرات...

3.  المجال الفني:

الفنون التشكيلية، الجداريات، الفسيفساء، البراعات، الموسيقى، المسرح، السينما، الرقص، الماجورات، الخط العربي، مسرح الدمى، الفنون الشعبية، السفن المصغرة، فن الطباعة...

4.  المجال الثقافي:

الأمسيات الثقافية، الدراسات، منتدى الباكالوريا، الأدب، التراث، اللغات الحية، المطالعة، التربية المرورية...

5.  المجال العلمي:

الإعلامية والأنترنات، الوسائل السمعية البصرية، البستنة، الرصد الجوي، علم الفلك، الصحة، البيئة، الإلكترونيك، الطاقة الشمسية...

6.  مجال سياحة الشباب:

الرحلات والخرجات، المصائف، برامج التبادل، الدراجات...

7.  المجال الرياضي:

الأيروبيك، الجمباز، الرياضات الدفاعية، الشطرنج، كرة القدم، كرة اليد، الكرة الطائرة، كرة السلة، الرياضات البحرية، التعبير الجسماني، الرقص العصري، الكرة الحديدية، كرة الطاولة، التنس، كمال الأجسام، الرياضات القصوى، الدورات الرياضية...

هناك تعليقان (2):

  1. يسعدني أن أذكركم بأن برنامج الأنشطة المذكورة تفتقد إلى الألعاب الشعبية التي تنمي الهوية الوطنية والثقافية للشباب التونسي مع المعذرة
    د. عزالدين بوزيد

    ردحذف